
الندوة الإفتراضية" المسلمون ومفهوم الدولة الحديثة "
- 2021-Oct-18
في إطار الزيارة التي يقوم بها الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، نظم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، الأربعاء 30 يونيو2021، محاضرة ندوة " المسلمون ومفهوم الدولة الحديثة"، تحدث فيها معالي الأستاذ الدكتور محمد الخلايلة -وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني-، وسعادة الدكتور محمد البشاري –الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة-، وأدار الندوة فضيلة الدكتور محمد العايدي – مدير الدراسات والبحوث والتوثيق في وزارة الأوقاف الأردنية-، ، وذلك على مواقع التواصل الاجتماعي للمجلس.
في البداية تحدث فضيلة الدكتور محمد العايدي- مدير الدراسات والبحوث والتوثيق في وزارة الأوقاف الأردنية- وأكد إلا أن ثمة تخوفات بشأن الدولة الإسلامية الحديثة، وأن دور هذه الندوة منوط به إزالة اللبس بشأن حقيقة مفهوم الدولة الوطنية أو الدولة الحديثة.
من جهته قال الدكتور محمد البشاري الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة إن هذه الندوة تأتي في وقتها وزمانها، بالنظر إلى الظروف الطارئة والمهمة التي تمر بها المنطقة العربية مع التكالب واختطاف الإسلام من خلال جماعات الإسلام السياسي التي غيرت مفهوم الدولة الوطنية وجعلتها خادمة للتنظيم الإرهابي بل وجعلت التنظيم فوق سلطة الدولة وخادما لها، أصبح يحتم على علماء الأمة إعادة إنتاج خطاب يعلى من قيم التسامح والآخاء والمساواة لمواجهة دعاة الفتنة والجهل والتعصب.
وأضاف أن تلك المتغيرات الراهنة حدت بالمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة لتوثيق التعاون مع الهيئات الدينية في المملكة الأردنية الهاشمية، والتي تعمل تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك عبدالله لبحث سبل دعم الدولة الوطنية ضد جماعات الفكر المتطرف.
وأشار معالى الدكتور محمد البشاري إلى أهمية التأصيل الفكري والفقهي لمكانة ودور الدولة في الإسلام، باعتباره في الأساس هي دولة وطنية وليست دينية أو مصلحية تخدم مصالح الأحزاب أو التكتلات. وتابع أن الدولة الحديثة في الإسلام هي منظومة اجتماعية تدير الشأن العام باختلاف الأديان والأعراق والأجناس بل تجعل تلك الاختلافات مصدر قوة لتجسيد وتأسيس فقه المواطنة لبناء الدولة الحديثة المعاصرة، وهو النهج الذي صار عليه النبى صلى الله عليه وسلم، فلم يكن منهجه العنف والإقصاء للآخر، بل منهجه هو منهج الاسلام القائم على السلم والسلام والأمن والأمان وترسيخ ثقافة التسامح والتي تساهم في نهضة المجتمعات المسلمة في ظل المتغيرات الدولية الراهنة.
وأضاف الدكتور البشاري أن ثمة إشكالية لدي العقل العربي بشأن نظام الحكم، وهو جدل فكر، لكن ثمة إشكالية أخرى تتعلق بمفهوم الدولة لدى جماعات الإسلام السياسي، وهي جماعات لديها مفهوم للدولة غير تلك المفهوم المتعارف عليه، فهذه الجماعات لا تؤمن بمفهوم القطر أو الإقليم، كما ترى هذه الجماعات في الدولة مشروع سياسي لإيديولوجية ضيقة بهم.
وحول مفهوم الولاء للوطن، قال الدكتور محمد البشاري أن الولاء للوطن وللحاكم هو من جوهر الأإسلام، لكن لا يمكن أن يكون الولاء لحاكم يعيش خارج البلاد، وإنما الولاء لمن يحكم الوطن. وفي كل دولنا الإسلامية وجب شرعاً طاعة حكامها، باعتبارهم ولاة الأمور. وأضاف الدكتور البشاري، علينا أن نسعى لبناء منظومة فكرية متكاملة تؤسس لقيم التسامح، والمساواة، وكذلك العمل على تحصين أبناء المجتمعات المسلمة من هؤلاء الدخلاء أصحاب الفكر المتطرف الذين اضروا بالإسلام، واختطفوا أبناء مجتمعاتنا المسلمة.
من جهته قال معالى الدكتور محمد الخلايلة أن هناك ارتباط مفاهيمي بين مفهوم الدولة والأمة والخلافة وأصبح هناك تداخل بين هذه المفاهيم، وهناك خلاف بين العلماء هل أقام النبي صلى الله عليه وسلم فى المدينة دولة مدنية أم دولة دينية، وأشار إلى أن هذا الجدل أخذ منحى بعيداص بسبب ربط البعص بأن الإسلام يحتم وجود خليفة للمسلمين، ولا دولة إسلامية من دون خليفة.
وأكد الدكتور الخلايلة على أن الإسلام جاء بقواعد الحكم، ووضع قيم وأسس منها الشورى والعدالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكنه ترك شكل الدولة لما يتعارف عليه الناس، وبما يضمن مصالحهم.
في المقابل أشار الدكتور الخلايلة أن كل أشكال الحكم الراهنة سواء أُطلق عليها مصطلح الأمير أو الملك أو السلطان أو رئيس الجمهورية، كلها أنظمة حكم شرعية طالما لا تخرج عن إطار الإسلام، وطالما كانت محكومة بالقواعد العامة التي جاء بها الإسلام.
على جانب آخر انتقل فضيلة الدكتور محمد العايدي – مدير الدراسات والبحوث والتوثيق في وزارة الأوقاف الأردنية- إلى الطرح الأردني للدولة المدنية الحديثة، واشار إلى حديث جلالة الملك عبد الله الذى قال "إن الدولة المدنية هي دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية والرأى الآخر، وتعد فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي".
من جهته قال الدكتور محمد الخلايلة أن حديث جلالة الملك عبد الله ليس بعيداً عن وثيقة المدينة التي طرحها الرسول الكريم، وأكدت على العدالة والمساواة.
كما أشار الدكتور الخلايلة إلى أن الدولة الحديثة في الإسلام لا تحمل أي تناقض بين الانتماء للدين ومقتضيات الدولة الحديثة في الإسلام التي تناسب كل زمان ومكان وتستوعب كل فكر صحيح وتدعو إلى نهضة المجتمعات بعيدا عن التطرف والعنف. كما تحدث الدكتور الخلايلة كذلك عن وجوب طاع ولى الأمر، لأن طاعته من شأنها تثبيت أركان الدولة، وحفظ البلاد والعباد والأموال. وأشار الدكتور الخلايلة إلى أن الدول التي خرجت على ولاة أمرها تفككت، وتعرض العباد فيها للتشرد.
جدير ذكره أن المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة منظمة دولية غير حكومية، يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له، حيث يُعتبر بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل تحقيق غاية واحدة؛ وهي إدماج المجتمعات المسلمة في دولها؛ بصورة تحقق لأعضائها كمال المواطنة وتمام الانتماء للدين الإسلامي. ويسعى المجلس، من خلال عقد العشرات من المؤتمرات والندوات والأنشطة الافتراضية إلى توطين مفاهيم التعددية الدينية والعرقية والثقافية، بما يحفظ كرامة الإنسان واحترام عقيدته وترسيخ قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للأوطان.