مؤتمر "دور القيادات الدينية في مواجهة الكراهية" يدعو للتحلي بالحكمة في مواجهة خطاب التحريض

  • 2020-Sep-27

نظم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، اليوم الأحد 27 سبتمبر 2020، مؤتمره الافتراضي "دور القيادات الدينية في مواجهة ظاهرة الكراهية"، بمشاركة نحو 20 عالماً من القيادات الإسلامية رفيعة المستوى من الدول الأوروبية وغيرها، ممن بحثوا ظاهرة خطاب الكراهية وأسبابها وسبل الوقاية والرد عليها، بما يحقق المواطنة الصالحة للمجتمعات المسلمة في دولها وتحقيق متطلبات الانتماء للدين، في جو يسوده الوئام والمحبة والتسامح بين البشرية جمعاء.

وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر، الذي انطلق الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت غرينيتش، أشار معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إلى الأهمية البالغة لموضوع مواجهة خطاب الكراهية، لأن الكراهية تستهدف القيم الإسلامية أولاً ثم القيم الإنسانية، مؤكداً أن تحديات المجتمعات المسلمة كثيرة، نتيجةً لتنوع وتعدد هذه المجتمعات وكذلك لتوظيف البعض لخطاب الكراهية في خدمة أجندات خارجية، داعياً إلى ضرورة التعامل مع خطاب الكراهية كواجب شرعي؛ فديننا دين المحبة والتراحم والرحمة حتى مع الأعداء والمختلفين معنا.

وأكد رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة أن خطاب الكراهية موجود عند كل المجتمعات والأديان والمكونات، ويجب توحيد موقفنا من هذا الخطاب بغض النظر عن جذوره ومنابعه، موضحاً كذلك أن خطاب الإقصاء والكراهية وإيذاء الآخر سيرتد علينا  في النهاية وهذا مخالف لديننا، لذا علينا التعامل بنفس الحزم والرؤية والموقف الموحد، مشدداً على التحلي بالحكمة والحنكة وتطبيق مقاصد الشرع والنأي عن التعامل بالعواطف والإثارة، بما يحفظ حقوق المسلمين وغير المسلمين، وكذلك مواجهة الأعمال الاستفزازية ضمن إطار القانون والحكمة، لإبراز الدور الإيجابي والمسؤول للمجتمع المسلم والحرص على التماسك الوطني وتحقيق السلم الاجتماعي وخدمة المصالح الوطنية العليا.

وقال الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إن الكراهية ظاهرة غير طبيعية مصحوبة بمشاعر انزوائية وعدم قبول الآخر بخصوصياته الثقافية أو الدينية أو العرقية، ومواجهتها تتطلب تكثيف جهود المؤسسات المعنية وتعاون القيادات الإسلامية معها، من خلال تفريغ التعاطي مع الكراهية من كل محتوى قد يؤدي إلى التفسير الديني، وتصحيح صورة الإسلام في الكتب والمناهج الدراسية ووسائل الإعلام، مؤكداً على ضرورة المراجعة الذاتية للخطاب الديني في مؤسساتنا أخذاً بعين الاعتبار الظرفية الزمانية والمكانية لأحوال المسلمين اليوم، والعمل على تجريم الإرهاب الإلكتروني، وخاصة القرار الأممي 65/224 الذي ينص على التجريم القانوني لازدراء الأديان.


وعبّر الشيخ سعيد عزام، رئيس مجلس الإفتاء السويد، عن اعتزاز المجتمع المسلم في بلاده بالمواطنه قائلاً: "في السويد، لا نعتبر أنفسنا لاجئين، بل نمتزج مع السويد في قيمها وعادتها لنُثريها بديننا وقيمنا وأخلاقنا"، مؤكداً على مواجهة خطاب الكراهية بخطاب إسلامي حضاري، فكتاب الله يهدي خطاب الرحمة لكل الناس.. وفي رده على حرق القرآن الكريم في السويد، أوضح الشيخ سعيد عزام، أنهم يوزعون ألف نسخة في كل مكان يُحرق فيه القرآن الكريم، وأنه حتى لو اعتُدي علينا، لا يقبل كتابنا بالاعتداء كما اعتدوا، مثمناً موقف السويد في تعاملها الإيجابي مع الحادثة، موضحاً أنهم أبعدوا الشخص الذي حرق القرآن عن الأذى حتى لا يتعرض لسوء ونسأل الله له الهداية.

أما الأستاذ عبد الصمد اليزيدي، نائب رئيس مؤسسة مواطنة، المعهد الألماني للحوار والتفاهم، فأشار إلى تصريح للرئيس الألماني ينبّه فيه إلى تفشي شبكات الكراهية والعنصرية في المجتمع الألماني بشكل مشبك وخطير، مؤكداً أنه يجب على المسلمين أن يكون لهم دور علاجي ووقائي "لذلك أسسنا مؤسسة (جنباً الى جنب) التي تحتضن قيادات دينية وسياسية رفيعة المستوى"، منوهاً كذلك إلى مبادرة "المنتدى الإبراهيمي" التي تهدف لإبراز روح الأديان الداعية للتماسك المجتمعي تحت سقف المواطنة الشاملة وتوضيح مسؤولية الأديان من أجل السلم والسلام واحترام وقبول الآخرين.

كما دعا الدكتور يحيى بالافيتشيني، رئيس المؤسسة الإسلامية الإيطالية "كوريس"، إلى مواجهة خطاب الكراهية بتطوير مفهوم الأخوة الإنسانية، مؤكداً أن هذه الأخوة الإنسانية هي أحد أبرز قصص النجاح في الإمارات بالتعاون مع الفاتيكان ومصر، وهي من الحلول التي يجب تطويرها بمهارة جديدة لمواجهة خطاب الكراهية، موضحاً أنه على المجتمعات المسلمة تحمل مسؤولياتها الداخلية التي تتمثل في التصحيح الذاتي لتجنب التشدد والتركيز على المواطنة، وكذلك المسؤوليات الخارجية التي تتمثل في تطوير مفهوم الأخوة الإنسانية مع الجميع.

وبدورها، أشارت الأستاذة ليا محموتوفا، رئيسة اتحاد المرأة المسلمة لدول البلطيق في إستونيا، إلى المبادئ الدينية والإنسانية التي يسيرون عليها في إستونيا، من خلال التجسيد الفعلي لمبدأ "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ" في مواجهة ظاهرة الكراهية، بالوقوف الإيجابي والتعاطف مع اليهود في مجزرة "الهولوكوست" في بلادها، وكذلك تطبيق مبدأ "وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"، بإشغال العقل قبل الحواس في الحوار مع الآخرين، مؤكدةً أن المرأة المسلمة في المجتمع الأوروبي تواجه تحديات كبيرة وباتت نقطة ضعف فيها، ولاسيما في موضوع الحجاب الذي أجبر الكثير من النساء على خلعه، وأن المرأة المسلمة تحافظ على كيان الأسرة بالصبر والتحمل، لكنها تُواجه بعدم التقدير في الكثير من الأحيان، مناشدةً الاهتمام بالمرأة في مواجهة الرجل وإحقاق حقوقها الشرعية.

وقال الدكتور محمد لفرك، مستشار أمين عام رابطة العالم الإسلامي، إنه في مواجهة الكراهية يعتمد العالم على دور القيادات الإسلامية لوقف هذه الظاهرة، فلابد من تعزيز دور القادة الدينيين بصياغة خطابات بديلة لخطاب الكراهية، والمطالبة بتعزيز الحوار بين الثقافات ونبذ الكراهية وإنتاج خطابات تحض على الحوار، مشيراً إلى مبادرات أطلقها معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وهي "تحصين الشباب ضد أفكار التطرف والعنف وآليات تنفيذها"، مؤكداً على ضرورة وضع واتباع نهج شامل محوره الإنسان مهما كان انتماؤه العرقي أو الديني، وربط علاقات وثيقة مع الفاعلين السياسيين والإعلاميين والأكاديميين، وحث الشباب والشابات على الانخراط في العمل الخيري والجمعوي.

جدير ذكره أن المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة منظمة دولية غير حكومية، يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له، حيث يُعتبر بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل تحقيق غاية واحدة؛ وهي إدماج المجتمعات المسلمة في دولها؛ بصورة تحقق لأعضائها كمال المواطنة وتمام الانتماء للدين الإسلامي.

ويسعى المجلس، من خلال عقد العشرات من المؤتمرات والندوات والأنشطة الافتراضية إلى توطين مفاهيم التعددية الدينية والعرقية والثقافية، بما يحفظ كرامة الإنسان واحترام عقيدته ويرسخ قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للأوطان.

اشترك

اشترك في القائمة البريدية لتبقى علي تواصل دائم معنا