المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة يختتم مؤتمره الافتراضي "البابا فرنسيس في العراق.. جذور وخطى إبراهيمية"

  • 2021-Mar-07

اختتم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، الأحد 7 مارس 2021، مؤتمره الافتراضي بعنوان "البابا فرنسيس في العراق.. جذور وخطى إبراهيمية"، بمشاركة نخبة من العلماء ورجال الدين والمختصين والأكاديميين من مختلف دول العالم في القارات الخمس، وذلك على مواقع التواصل الاجتماعي للمجلس.

وفي الكلمة الافتتاحية والتوجيهية للمؤتمر، أشار معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إلى أهمية إقامة الفعاليات احتفاءً بالزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى العراق، واستثمارها لإرسال الرسائل الصحيحة لكل الشعوب، مؤكداً أن العراق بلد عظيم بحضاراته عبر التاريخ.. والمنطقة عموماً والعراق خصوصاً بحاجة لزيارة البابا التي تؤكد مفاهيم التعايش والتعددية والتنوع، مضيفاً أن جذور الأديان راسخة في منطقتنا وهي جذور بهية وتشع بالحياة، وعلينا أن نتحدث بفخر عن أن الجذور الحقيقية للأديان الإبراهيمية هي في منطقتنا.

وأوضح معاليه أن الزيارة خلقت حراكاً في العراق وخارجه من أجل تحقيق الأمن والأمان والاستقرار والازهار والسلام للجميع، داعياً لإبراز الجانب الإيجابي للزيارة وعدم ترك فراغ للمغرضين الذين ينشرون خطاب الكراهية والتطرف، باعتبار أن كلاً من الزمان والمكان يستوعبان كل الأطياف بغض النظر عن أديانهم وأعراقهم، والسلام هو ما ينشده الجميع، مستشهداً بمقولة البابا "ليصمت السلاح"، بأننا نحتاج حضوراً طاغياً وصوتاً قوياً لنشر قيم السلام والتعايش.

وقال المونسنيور خالد عكاشة، رئيس لجنة العلاقات الدينية مع المسلمين في المجلس البابوي للحوار بين الأديان، إن سيدنا إبراهيم أبٌ لنا جميعاً في الإيمان، ومن هنا تأتي زيارة البابا فرنسيس إلى العراق، حيث موطن سيدنا إبراهيم، موضحاً أن رسائل البابا تتمثل في الحج إلى منابع الإيمان وتأكيد المسيرة الروحية للمؤمن، وكذلك استذكار أهل الإيمان لتعمّ الفائدة على الفرد والمجتمع، مؤكداً أن الحياة مقدسة وواجب الحفاظ عليها، وأن العنف والإرهاب باسم الدين لا ينفعانه بل يشوهان صورته.

وأوضح المونسنيور خالد عكاشة أن السلام يمجّد الله ويسعد الإنسان وهو عطية من الله، مشيراً أن الزيارة تؤكد كذلك الحوار بين المؤمنين بناءً على الاحترام والصدق، وتعزز الحوار يعزز الثقة والتعاون المشترك لتحقيق الخير العام، فلقاء البابا بزعماء الأديان من أبرز محطات الحوار الديني، حيث تعود الصداقة بين رجال الدين بالنفع على البشرية جمعاء، داعياً لمحاربة الفساد كآفة يجب التغلب عليها، وكذلك تأكيد المواطنة المتساوية للجميع والحاضنة للتنوع لتحقيق العدل للمكونات التي عانت من الإرهاب في العراق، كالإيزيديين.

وفي كلمته، قال سعادة الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إن زيارة البابا فرنسيس للعراق الحبيب تحمل رسالة العيش المشترك والمواطنة والسلام والاطمئنان، وتأتي في ظرفية مكانية مهمة وقلقة في المنطقة عموماً، وتثبت أن التعايش بين كل الطوائف الدينية قوة كبيرة، كما أنها تؤكد التضامن المستمر بإيصال رسائل الاطمئنان من الفاتيكان، من خلال الرفع من الآلام وترسخ العيش المشترك بين الجميع والتأكيد على قيام دولة المواطنة والحق والقانون الضامنة للتعددية الدينية والمذهبية.

وأضاف البشاري أن الزيارة تعزز السلم والسلام والعيش المشترك كسبيل وحيد للخير العام، وتأتي كزيارة منتظرة من صنّاع السلم والسلام لمنفعة البشرية، وتجسيداً لبنود وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي تم توقيعها في العاصمة الإماراتية أبوظبي، عاصمة التعايش والسلام.

............

وبدأت الجلسة الرئيسية المجلس للمؤتمر الافتراضي الذي نظمه المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة "البابا فرنسيس في العراق.. جذور وخطى إبراهيمية"، بإدارة الشيخ حسان موسى، نائب رئيس مجلس الإفتاء بالسويد، الذي قال إن الإسلام دين عالمي والأصل أن الأرض لله والوطن لجميع مخلوقاته، مؤكداً أن وجود غير المسلمين في العالم إرادة كونية، ولا سبيل لمحوها من قبل أي إرادة بشرية، لذا علينا تعزيز التعاون والتحالف والتضامن والانسجام وقيم العيش المشترك، وكذلك معرفة أن الآيات والأحاديث والقيم التي تجمع بين فقه النص وفقه الواقع هي منهجنا ومسار حياتنا التي يجب  أن نتبناها، لأن ثقافة الإقصاء والإلغاء لم تجدِ نفعاً عبر التاريخ، ولا سبيل للعيش  إلا معاً في مجتمع متعدد الثقافات والأعراق والأديان.

وفي كلمته، قال الإمام يحيى سيرجيو ياهي بالافيتشيني، رئيس المؤسسة الإسلامية في إيطاليا، إن زيارة البابا فرنسيس للعراق (مركز الحضارات عبر التاريخ)، تحمل رسائل الحكمة في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتعزز الأخوة الإنسانية وقداسة الحياة بين البشر، كما أنها توطد العلاقات بين المؤمنين جميعاً حول العالم، فضلاً عن دلالاتها المكانية ذات القدسية العالية لدى المؤمنين، من حيث أنها ترسخ احترام الهويات والاختلاف وتعزز المواطنة الصالحة.

كما أوضح الشيخ الدكتور سليم علوان الحسيني، أمين عام دار الفتوى (المجلس الإسلامي الأعلى في أستراليا)، أن الله تعالى أمرنا بجواز البرّ بين المسلمين وغير المسلمين، فيما يحثّنا ديننا على الحسنات وتعزيز محبة الخير للمسلم ولغير المسلم، مؤكداً أن زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس إلى العراق زيارة تاريخية، كسابقتها؛ أعني زيارته لدولة العطاء الإمارات العربية المتحدة، وأنه ينبغي أن نقابل الزيارة بالمزيد من ترسيخ مفاهيم العدل والاعتدال ونبذ التطرف والإرهاب البغيض ومحاربة العنف.

كما أشار الدكتور محمد يوسف هاجر، أمين عام المنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي في الأرجنتين، إلى أهمية زيارة البابا فرنسيس للعراق، حيث يوجد واحد من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، من أجل دعم الحوار بين الأديان، مؤكداً أن الزيارة تجسد مبادئ وثيقة "الأخوة الإنسانية" من خلال ترسيخ الاحترام المتبادل والتعاون بن الأديان لخير البشرية جمعاء، مبدياً أمله من هذه الزيارة أن تُتوج بالوصول إلى اتفاق مبارك، كما وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي تم توقيعها في العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وذكر الدكتور الخضر عبد الباقي، مدير المركز النيجيري للبحوث العربية في نيجيريا، الأبعاد والدلالات التاريخية لزيارة البابا للعراق وانعكاساتها المتشعبة من ناحية تعزيز العلاقات الإنسانية، قائلاً إن زيارات البابا لها رمزية في دول تزخر بالتعدد والتنوع، وخاصة أنها تأتي في توقيت محدد، وأن لاحتفاء بسيدنا إبراهيم احتفاءٌ مؤصل.. وعلينا مناقشة المفاهيم بشكل علمي بعيداً عن الإيديولوجيا، مطالباً رجال الدين والفكر والثقافة بالابتعاد عن الخطاب النخبوي وترسيخ الخطاب الشعبوي البسيط.

وبدورها، قالت السيدة سيما خان، رئيسة جمعية رعاية المرأة المسلمة في نيبال، إن سيرة سيدنا إبراهيم تحظى بالاحترام في العالم بأكمله، لأنها ترسخ القيم السامية بين البشرية جمعاء، قائلةً إن زيارة البابا ترسخ الانسجام داخل المجتمع والتعايش والاتحاد بين أفراد المجتمع، وتحمل رسالة عميقة ذات إثر إيجابي على المجتمع من أجل تحقيق الخير العام، مستشهدةً بتجربة بلادها نيبال التي تُعتبر نموذجاً للانسجام داخل المجتمع، لأن الجميع يتعامل من منطلق الأخوة الإنسانية.

ودعا الدكتور يوشار أوغلو، نائب المفتي السابق وأستاذ العلوم الإسلامية في اليونان، إلى الإيمان بالعيش سوياً على هذه الأرض وأن نكون عوناً في ترسيخ مفاهيم السلام والتعايش الديني دون تمييز، مؤكداً أن أفضل صلاة على الرسول تبدأ بالسلام.. فالسلام رسالة الإسلام من أجل ترسيخ التعايش والخير للبشرية جمعاء، مبدياً أمله في أن تكون زيارة البابا فرنسيس للعراق نهايةً لسفك الدماء وبداية لحياة جديدة قائمة على إحقاق مفاهيم الحق والعدالة، أن تنشر الرسائل الحقيقية للأديان الداعية لتحقيق السلام والحكمة بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق.

............

جدير ذكره أن المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة منظمة دولية غير حكومية، يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له، حيث يُعتبر بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل تحقيق غاية واحدة؛ وهي إدماج المجتمعات المسلمة في دولها؛ بصورة تحقق لأعضائها كمال المواطنة وتمام الانتماء للدين الإسلامي. ويسعى المجلس، من خلال عقد العشرات من المؤتمرات والندوات والأنشطة الافتراضية إلى توطين مفاهيم التعددية الدينية والعرقية والثقافية، بما يحفظ كرامة الإنسان واحترام عقيدته ويرسخ قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للأوطان.

اشترك

اشترك في القائمة البريدية لتبقى علي تواصل دائم معنا