المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ينظم مؤتمره الافتراضي "الإسلام في شرق آسيا.. التفاعل، التأصيل، التكامل"

  • 2021-Apr-30

نظم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، الخميس 17 رمضان 1442هـ / 29 أبريل 2021م، مؤتمراً افتراضياً بعنوان "الإسلام في شرق آسيا.. التفاعل، التأصيل، التكامل"، وذلك بحضور نخبة من العلماء والخبراء من القيادات الدينية والأكاديميين والباحثين والمتخصصين، وذلك على مواقع التواصل الاجتماعي للمجلس.

وسعى المؤتمر إلى تحقيق عدة أهداف، مثل تعزيز تفاعل المسلمين وتكاملهم في شرق آسيا، ومناقشة مساهمة أعضاء الأديان والحضارات والأمم في تحسين الوعي والفهم ورفاهية البشرية، والبحث عن حلول مجدية يشجع الإسلام والمسلمين على التوطين، ولاسيما بعد أن عاش مسلمو آسيا واندمجوا سياسياً واجتماعياً وثقافياً في وطنهم وحافظوا على معتقدهم وممارستهم للإسلام ولعبوا دوراً مهماً في تاريخ هذه البلاد وساهموا في الحياة العسكرية والإدارية والاقتصادية وتركوا إرثاً فريداً من الإنجازات الثقافية.

..........................

وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر الافتراضي "الإسلام في شرق آسيا.. التفاعل، التأصيل، التكامل"، قال معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إننا أمام تحول كبير لمراكز القوة في العالم من الغرب إلى الشرق وسيزداد هذا التحول خلال العشرين أو الثلاثين عاماً المقبلة، موضحاً أن شرق آسيا سيأخذ حيزاً أكبر كقوة اقتصادية وجيوسياسية وتقنية وعلمية، ومهمٌ أن يكون للمسلمين دور إيجابي وفاعل في بناء هذه القوة.

وأكد معاليه ضرورة انتهاز مسلمي شرق آسيا فرصة المشاركة في عملية التنمية وإرسال رسائل للمكونات الأخرى بأنهم شركاء في بناء الوطن، حيث ينبغي على القيادات الإسلامية تحمل مسؤولياتها الإسلامية والوطنية معاً بالمبادرة في بناء الوطن لينعكس ذلك على المسلمين في تلك الدول، معبراً عن ذلك بالقول "ينبغي على مسلمي شرق آسيا طرح مبادرات واقعية أساسها صوت الحكمة والعقلانية والإيجابية بصناعة قيادات إسلامية تخدم تنمية وطنها.. كونوا أبناء اليوم وصُنّاع المستقبل، واحذروا أن تكونوا أسرىً للماضي.. وعليكم الاهتمام بتعليم أبنائكم من أجل تحقيق روح الوطنية والإسلام".

وأكد الإمام يانغ فامينغ، عضو اللجنة الدائمة للجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، نائب رئيس لجنة الدين والسلام الصينية في الصين، في كلمته الافتتاحية، على التواصل البارز بين الإسلام والكونفوشيوسية والتفاعل الكبير بين الثقافتين الإسلامية والصينية في جوهرها على مدى التاريخ، موضحاً أن مسلمي الصين حققوا إنجازات ثقافية وفكرية وفلسفية ومعرفية بإنشاء نظام فكري متكامل للنظرة الإسلامية الصينية من أجل استقرار الإسلام في الصين، كما حققوا الاندماج الكامل في المجتمع بتطوير الدولة في مختلف جوانب الاقتصاد والطب والهندسة والزراعة والصناعة والتعليم وغيرها، وعززوا التبادل التجاري بين الصين والغرب وواجهوا العدوان الخارجي وحافظوا على كرامة الوطن بالولاء للبلاد ونشر الانفتاح والتسامح.

وقال سعادة الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، في كلمته الافتتاحية، إننا نناقش اليوم أحوال المجتمعات المسلمة في محاكاتها مع قضاياها وفي ظل الحاجة للتضامن والتكافل الإنساني لمواجهة الأوبئة وآثارها، مؤكداً أن العالم تغير من أحادي القطب إلى متعدد الأعراق والأجناس والأديان وهناك اهتمام بقضايا المسلمين في شرق آسيا لما للمسلمين من ثقل كببر، داعياً لتأصيل الوجود الإسلامي كقوة إضافية للتنوع الديني وقوة تفاعلية تامة مع كل المكونات الدينية الأخرى والتركيز على المشترك الإنساني بين الإسلام والبوذية والهندوسية والديانات والفلسفات الأخرى التي محورها خدمة الإنسان، متطلعاً لبناء قيادات إسلامية ذات عقلية علمية فقهية أصولية في المجتمعات المتعددة وتعتبر المصلحة أساساً في استنباط الأحكام.

..........................

وتمحورت أهداف المؤتمر حول جلستين، فجاءت الجلسة الأولى بعنوان "تاريخ تفاعلات وتوطين الإسلام في شرق آسيا"، فيما ناقشت الجلسة الثانية "تكامل وتحديات المجتمعات المسلمة في شرق آسيا".

وقال الدكتور أمين كيماكي توكوماسو، رئيس الجمعية الإسلامية اليابانية في اليابان، إن اليابان بلد منفتح على الديانات، وخاصة على الدين الإسلامي، فيما يبلغ عدد مسلمي اليابان نحو 200 ألف مسلم، مؤكداً أن المجتمع المسلم في اليابان يعاني من سوء فهم وقلة اطلاع حول الدين الإسلامي وعدم تواصل إعلامي عالمي بين المسلمين وغيرهم، وأنه لابد من توضيح الرسالة الحقيقية ونشر الثقافة السمحة للدين الإسلامي والسعي لإرساء الثقة المتبادلة بين جميع الأديان في العالم، موضحاً أن الجمعية الإسلامية اليابانية تركز على أحوال المسلمين وأنشطتهم وتساهم في نشر الوعي بالمجتمع وتبذل جهوداً كبيرة في إعداد البرامج الإسلامية الإيجابية وبناء جسور مع الشباب الياباني.

ودعت الدكتورة زين شياويون، مدير معهد أديان العالم، الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، نائبة رئيس الجمعية الصينية لدراسة الأديان في الصين، إلى ضرورة تعلم جميع الثقافات والتشارك في بناء المستقبل معاً بما يعزز التبادل الثقافي الإنساني العالمي، قائلةً إن شرق آسيا له تاريخ هائل وتنوع وتعدد وانسجام بين الحضارات، وأن التنوع والغنى في الأدب الآسيوي مهم جداً ويسهم في تعزيز الفهم والتفاعل المتبادل بين الثقافات والدول، مؤكدةً أن الدول الآسيوية تتمتع بقدرات كامنة تؤدي لصناعة مستقبل باهر ومشرق ومزدهر لنا وللبشرية ككل.

وشرح البروفيسور يوكي شيوزاكي، أستاذ مشارك في كلية العلاقات الدولية بجامعة شيزوكا في اليابان، تاريخ المجتمعات المسلمة في دول شرق آسيا والذي شهد تفاعلاً وتداخلاً كبيراً وخاصة في القرن العشرين، في الوقت الذي شهدت العلاقات بين اليابان وإندونيسيا زيارات وتبادلات تجارية أسهمت في دخول الإسلام إلى اليابان، مؤكداً أن المجتمع المسلم في اليابان يتمتع بجذور راسخة وعميقة في المجتمع وهناك عدة أجيال من المسلمين ولهم دورهم البارز في تحقيق التنمية.

وأكد الدكتور ميو ويبين، أستاذ مشارك في الكلية الإسلامية الصينية في الصين، أن الثقافة الإسلامية جزء فعال ومدمج في الحضارة الصينية، وأن مسلمي الصين يعتبرون الإيمان والولاء للوطن وحمايته جزءاً لا غنىً عنه في عقيدتهم الدينية والوطنية؛ فهم ملتزمون بتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في إطار تفاعلهم مع الحضارة الصينية، مستعرضاً التفاعل الكبير بين الإسلام والكونفوشيوسية، إذ أحدثت جمهورية الصين الشعبية ثورة في أنظمة التعليم والمساجد بمراجعة نظامية لتعليم اللغة العربية.

وأشار الدكتور لي هي سو، أستاذ فخري في جامعة هانيانغ بجمهورية كوريا، أن مسلمي كوريا يتبعون الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي وباء كورونا ونجحوا بشكل كبير في تخطي الجائحة، وهم يحافظون على هويتهم الدينية والثقافية ولديهم تفاعل إيجابي وفعال وحيوي مع المجتمع الكوري، مؤكداً أن مسلمي كوريا مشاركون في كل مناحي البلاد ولديهم مشاركة إيجابية ساهمت في تصحيح الصورة النمطية عنهم ولهم دور هام وعلاقات متينة مع الحكومة، بما يعزز من المصلحة الوطنية والعلاقات الخارجية، ولاسيما أنهم دشنوا جسوراً إيجابية ساهمت في تعزيز العلاقات بين الحكومة الكورية والدول الإسلامية.

وقال الأستاذ الحاج إسحاق ما شياوكي، مستشار عام في هيئة إصدار شهادات الحلال في تايوان والإمام السابق للمسجد الكبير في تايبيه، إن المجتمع المسلم في تايوان مندمج ومنسجم ومتناغم ومتفاعل في المجتمع وله صلات كثيرة بين الثقافتين الإسلامية والتايوانية، موضحاً أنه بُني أول مسجد في تايوان عام 1947، فيما تشكل المجتمع المسلم في بداية عام 1940، منوهاً أن الممارسات الدينية في تايوان سلمية، وأنه هناك العديد من المنصات الإسلامية التي تعزز الروابط مع الحكومة وتحسّن ظروف السياحة الدينية.

واستعرض البروفيسور دينغ لونغ، أستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية في الصين، استراتيجية الصين في مكافحة الفقر ومساعدة الأسر المتضررة والنجاح في تقليص حدة الفقر بالبلاد، فالحكومة الصينية اتخذت تدابير عملية وجهوداً مضنية لمساعدة المسلمين في التخلص من الفقر، حيث تم توفير ظروف الحياة الكريمة في المناطق الفقيرة وبناء المدارس والمستشفيات والمساجد بالمناطق النائية بترسيخ روح المبادرة لمكافحة الفقر وتقديم موارد مالية وقروض للمشاريع، مؤكداً أن مسلمي الصين جديرون بالعيش مثلهم مثل المواطنين الصينيين في ظل حياة كريمة وآمنة ومحمية من التطرف، بما يعزز التنمية في البلاد.

وقالت الدكتورة ماتسوموتو ماسومي، أستاذة في معهد موروران للتكنولوجيا بهوكايدو باليابان، إن المجتمع المسلم شهد نمواً وخاصة بعد الثمانينيات، وأن المجتمع الياباني يسعى لترسيخ والتعايش والاستقرار الاجتماعي، حيث تأثر بمسلمي باكستان وإندونيسيا وماليزيا وغيرهم في مسيرة بناء الدولة، موضحةً أن مسلمي اليابان مندمجون مع المجتمع ويمارسون عباداتهم بموجب قانون حرية الاعتقاد والدين، وأنه جارٍ الحديث الآن عن إنشاء مقبرة للمسلمين في اليابان.

وأبرز الدكتور فلودزيميرز تشيكيورا، أستاذ مساعد في قسم علم الجينات بجامعة وارسو في بولندا، تجربة المجتمع المسلم في الصين كمثال بارز للتكيف والتفاعل والاندماج والتواصل مع المجتمع في مختلف مناطق البلاد، مشيراً للتفاعل الكبير بين السياق التاريخي للإسلام والتجارب الحضارية في دول شرق آسيا.

وقالت السيدة هو ساو ين زاريناه، مديرة كلية قاسم تويت التذكارية الإسلامية بهونغ كونغ في الصين، إنه لا توجد أي مشكلة في اندماج المسلمين في هونغ كونغ، فلدى المسلمين نفس حقوق المواطنين الصينين في مختلف الصعد، منوهةً لبعض التحديات مثل العائق اللغوي الذي يحد من التواصل والاتصال والوظائف بين المسلمين وغيرهم وقلة المساجد والمدارس التي لا تخدم مسيرة التعليم، على الرغم من أن دمج المسلمين تحسن في الثلاثين عاماً أخيرة في هونغ كونغ، لأن الحكومة تبذل جهوداً كبيرة لترسيخ التكيف والتعايش، وفقاً لما ذكرت.

..........................

جدير ذكره أن المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة منظمة دولية غير حكومية، يتخذ من العاصمة الإماراتية أبو ظبي مقراً له، حيث يُعتبر بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل تحقيق غاية واحدة؛ وهي إدماج المجتمعات المسلمة في دولها؛ بصورة تحقق لأعضائها كمال المواطنة وتمام الانتماء للدين الإسلامي. ويسعى المجلس، من خلال عقد المؤتمرات والندوات والأنشطة إلى توطين مفاهيم التعددية الدينية والعرقية والثقافية، بما يحفظ كرامة الإنسان واحترام عقيدته، وبما يرسخ قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للأوطان.

اشترك

اشترك في القائمة البريدية لتبقى علي تواصل دائم معنا